الثلاثاء، 8 نوفمبر 2016

قواعد الصحة النفسية للطفل - احترام ارادة الطفل

– احترام ارادة الطفل :
كثيرا من الآباء والأمهات يظنون أن الطفل ليست له ارادة أو انها تنمو عندما يكبر ويصبح شابا أو رجلا , لكن الطفل له ارادة من وقت مبكر جدا ( ويمكن أن تلاحظ الأم هذا من خلال رفضه لأشياء وتمسكه بأشياء ) وليس مسلوب الارادة ويتحرك بريموت كونترول كما يريد الأب والأم , حتى وهما معترفين بوجود هذه الارادة , يريدون أن يلغوها , لأنهما يعتقدان أن عندهم خبرة وعندهم معرفة بالحياة أكثر من هذا الطفل فلابد من أن يختاروا له طريقته فى التفكيى وفى الحياة وفى تحديد الأهداف والأساليب وكل شئ , وكثيرا من الآباء والأمهات يصلون الى درجة أن يحاولوا جعل هذا الطفل صورة طبق الأصل منهم , وهم يعتقدون - واهمين – أنهم أفضل صورة انسانية ممكنة أو أفضل نموذج ممكن , وعندما يواجه الطفل بمحاولة الغاء ارادته يبدأ فى هذه اللحظة اتباع سلوك العناد , وهذه مشكلة كثير من الآباء والأمهات يشكون منها ويقولون أن ابنهم عنيدا ويحاولن علاجه من هذا المرض , العناد ! ويحضرون هذا الابن لكى بقوم الطبيب النفسى أو المعالج بترويضه لكى يسمع الكلام ويقوم بتنفيذ كل ما يريدونه , طبعا هذا غير ممكن عمليا , وارادة الله أعطت لهذا الطفل هذه الملكة .... أن تكون له ارادة مستقلة , خلقه الله صاحب ارادة فلماذا نحول أن نغير خلق الله , وهذا لا يعنى أن نتركه تماما ليفعل كل شئ بناءا عى كونه لديه ارادة مستقلة .
وقد قام العلماء بتقسيم الهداية , وهى نوع من التربية والتوجيه , فقالوا ان الهداية نوعان : النوع الأول هداية ابلاغ , والثانى هداية فعل , هداية الابلاغ هذه أن نقول للطفل هذا صواب وهذا خطأ , لابد لكى يكون عنده قانون يتكيف به مع الحياة والبيئة ومع الكون كله , فلابد أن يبلغ الأب والأم هذا القانون للطفل , ولكن لا يتوقعوا الامتثال التام لهذا القانون بمجرد ابلاغه , لأن هناك هداية اخرى هى هداية الفعل , أن يستجيب الطفل للرسالة التى وصلته لا يعنى بالضروة أن يستجيب لها كلها , يستجيب لأشياء ويؤدى أشياء ويغير أشياء ويعدل أشياء , لأن الله خلق له ارادة ورؤية , وله فكر حتى وهو صغير , لابد أن نتأكد من هذا تماما , فسيبدأ فى الأختبار وسيبدأ بالتجريب , الأب والأم وصلوا لما هما فيه حاليا بعد مراحل كثيرة من التجارب والأخطاء والنضج والتعلم , ويريدون أن يأخذ الطفل أو الطفلة نفس الذى وصلوا اليه فى هذه المرحلة من العمر , مثلا هما فى الأربعين أو الخمسين , يريدون أن يكون لطفل أو طفلة فى عمر خمس سنوات أو عشر سنوات نفس آرائهم وتوجهاتهم , وهذه ضد الفطرة , وضد طبيعة الانسان , وضد ارادته واختياره ومسئوليته التى خلقه الله عليها , ولو أصر الأب والأم على هذا تحدث المشكلة التى نراها دائما ويشتكى منها الكثير من الأباء والمهات , أن الطفل عنيد أو الطفله عنيده , لايسمعون الكلام , لايريدون تنفيذ سوى ما يرونه , الحقيقة أن ما خلق هذا الموقف المعاند هو أن الأب والأم دخلوا فى شرنقة الماضى , ولم يتمكنوا من رؤية احتياجات الطفل وضروراته ومجتمعه وظروفه والدنيا التى يعيش فيها , فهو يعيش فى دنيا مختلفة كثيرا عن دنياهم , وبما أن لديهم سلطة على هذا الطفل فانهم يحاولن التحكم فيه , وجعله يمشى على شريط القطار الذى حددوه له , النتيجة ستكون شئا من اثنين اما أن يستسلم الطفل تحت هذا الضغط والقهر من الأبوين فيكون طفلا سلبيا واعتماديا ليس له ارادة ولا اختيار ولا مبادرة ولا تلقائية ولا أى شئ على الاطلاق , هو أسلم كل شئ للأب والأم , وفى نفس الوقت يقوم بعمل شئ اسمه العدوان السلبى , مش أنتم عايزين ده ؟ شوفوا بقى ايه اللى هيحصل ) . من الممكن أن يفشل دراسيا ,أخلاقيا , هو قد سلم نفسه , ويريد أن يحمل نتيجة هذا الفشل للأب والأم الذان اصرا على التحكم في خط سيره , وعلى جعله صورة طبق الأصل من الذى يريدونه .
ومن الممكن أن يتمرد الطفل , أن يرفض عمل أى شئ ,ويصبح عدوانيا يفعل ضد كل ما يقولونه له , ويصبح عنيفا جدا , ( عايزنى أذاكر , لأ مش هذاكر , عايزنى أنجح لأ مش هنجح , عايزنى أبقى أخلاقى كويسة , لأ همشى مع أسفل ناس وأعمل كل اللى أنتوا بتكرهوه ) لأن هناك صراع ارادات , اما أن أكسب أنا أو أنتم , وطالما لدى شئ أستطيع عمله , فسأقوم به , وسنرى فى النهاية من يكسب . وتكون رحلة صراع مؤلمة وضارة للطرفين , ويتراكم فيها مشاعر سلبية عند الطفل تجاه الأبوين , وعند الأبوين تجاه الطفل , ويدخل الجميع فى أزمه , لا يستطيعوا الخروج منها الا لو دخل طرف ثالث , يفك هذا الاشتباك , ويبدأ فى اخراج هذه المشاعر السلبية التى تراكمت ومشاعر الصراع والعداء التى تكونت نتيجة لاصرار كل طرف على الغاء ارادة الطرف الأخر .
وهناك امثلة عظيمة جدا من سلوك بعض الانبياء في هذه المسالة لان بعض الناس يظنون احيانا ان واجبهم الديني ان يحموا اولادهم من الخطا و هذا صحيح قال تعالي : " يايها الذين امنوا قوا انفسكم و اهليكم نارا وقودها الناس و الحجارة" لابد من توعية الابن للشء الذي يمكن ان يؤدي لهلاكه في الدنيا و في الاخرة و هذه وظيفة الاب بسبب خوفه على الابن ولانه اغلى شيء بالنسبة له ووظيفة الام ايضا لكن سنقول ان ما علينا هو هداية التبليغ لكن هداية الفعل نترك امرها لله سبحانه و تعالي و ندعوا ان يوفق الله الابن لها لاننا نملكها فانت ايها المربي تقوم بعمل ما عليك لكن في النهاية ستحترم ارادة الابن او البنت و اختياره حتى لو كان هذا ضد اختيارك او عكسه الكثير من الناس لن يحتمل هذه الفكرة و سيدخولن في صراع مع الابناء سنعطي مثلا لاثنين من الانبياء الكرام الاول : نوح عليه السلام و ابنه نوح جهز السفينة و يعرف بمجيئ الطوفان فنادى لابنه و لم يكن ابنه على نفس الطريق فقال " يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين" و هذه كانت ارادة نوح عليه السلام و رؤيته بناء على خبرته و معرفته و الوحي الذي ينزل عليه وهو نبي و يخاف على ابنه لكن تعظهر ارادة الابن و رؤيته و اختياره "ساوي الي الجمل يعصمني من الما" فرد الاب : لا عاصم اليومن من امر الله" اليوم مختلف عن كل الايام السابقة هذا خطر مختلف تماما ربما كان من الممكن السماح في الاختيار قديما لكن اختيار اليوم مهلك في الدنيا و في الاخرة ستموت على الكفر و مع صعوبة الموقف نوح يرى ابنه سيموت بعد لحظات على الكفر يصر الابن على ان ياخذ هذا الموقف الرافض لموقف الاب و كانت متوقعا ان سيدنا نوح لو كان يفكر مثلنا ان يرسل له اتباعه ليحضروه الي السفينة بالقوة لكن هذا لم يحدث سيدنا نوحد ادى البلاغ وهو يعرف ان هداية الفعل بيد الله سسبحانه و تعالي و نجا الاب بما راى و هلك الابن بما راى  و فعل لكن الله خلق الانسان بهذه الاراده و لحكمته اراد لها ان تعمل وكان هذا مثلا في العصيان سناخذ مثلا اخر في الطاعة و نرى انه ايضا في حالة الطاعة لا تلغى الارادة عند الطفل او عند الابن . سيدنا ابراهيم عندما راى التنفيذ المتوقع – حسب ما نفهم – ان امر الله لابد من ان ينفذ و يذبحه فورا لكن سيدنا ابراهيم لم يفعل هذا احتراما لاردة ابنه اسماعيل فذهب اليه بمنتهى المودة و الرحمة و العطف : " يا بني اني ارى في المنام اني اذبحك فانظر ماذا ترى" نرى كيف قال له سيدنا ابراهيم " يا بني" و اني ارى في المنام لانه لو كان قال له ان الامر من الله مباشرة لما كان من الممكن ان يختار لكنه اعطى فرصة لاسماعيل ليقول رايه مثلا هذا منام و يمكن تاجيله او التفكير فيه فانظر ماذا ترى مع ان سيدنا ابراهيم يعرف انه لا راى هنالك هذا امر الهي يقول سيدنا اسماعيل عليه السلام " يا ابتي افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين" هنا اختار وكان له فضل الاختيار يثاب عليه و لم يذبحه مباشرة بدون اختيار حتى لا يكون قد ذبح غدرا و دون ارادة ولكن ترك له فضل الاختيار و هذا درس يعلمنا ان الطفل له ارادة و اننا كآباء و امهات ليست وظيفتنا ان تلغى هذه الارادة عند الطفل ولكن ان نوجه و نهذب ان نقول و نبلغ و نوضح و نبين لكن في النهاية سنسلم لان هذا الطفل له ارادة و ان الله شاء بحكمته ان تكون هذه الارادة موجوده و تاتي آية مهمة تحسم هذا الموضوع تقول : " ولو شاء ربك لآمن من في الارض كلهم جميعا افانت تكره الناس ان يكونوا مؤمنين" فاحترام ارادة الانسان حتى في الايمان و الكفر " لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" لا يوجد اكراه حتى في الاشياء شديدة الاهمية اذن فمن باب اولى ان الاشياء الاقل اهمية لا يوجد فيها اكراه ولكي يؤكد لنا ربنا هذه الحقيقية ضرب امثلة لاستحالة اكراه البشر على شيء و كانت الامثلة تمثل غالبية العلاقات بين البشر فهذا رسول الله محمد صلى الله عليهم و سلم لم يستطع هداية عمه ابو طالب رغم كل ما بذله معه من جهد ولذلك قال له الله تعالي " انك لا تهدمي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء" و سيدنا ابراهيم لم يقدر على هداية ابيه و سيدنا لوط لم يقدر على هداية زوجته و سيدنا نوح لم يقدر على هداية ابنه و هكذا تتعدد النماذج في علاقات مختلفة لتثبت في النهاية ان هدايفة الفعل لا يملكها الا الله سبحانه و تعالي لذلك حين يفعل الاب ما عليه او تفعل الام ما عليها فلا يبقى الا ان يدعوا لابنهما بالهداية و التوفيق ولا يحاولان قهره او الغاء ارادته

و هذه النقطة تسبب صراعا شديدا ما بين الاباء و الامهات من ناحية و الابناء من ناحية اخرى و تداعياتها السلوكية كثيرة جدا اما سلبية و استسلام و شخصية اعتمادية و اما عناد و تمرد و مكايدة و صراع و مشاكل ليس لها اول من اخر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق